السبت، 11 مايو 2013

التطور التاريخي لدراسة السلوك التنظيمي

يحاول الانسان منذ قديم الازل ان يقدم تفسيراً متكاملاً للسلوك الانساني .
ان التطور العملي للسلوك التنظيمي لم يظر الا في بداية القرن العشرين وهناك مثلاً لنموزج من النظريات التي تحاول تفسير السلوك الانساني في القرن السادس عشر وهو نموزج "الميكافيللي" :
تعتمد نظرية "ميكافيللي" في تفسير السلوك الانساني على ان سلولك الانسان محفوف بعدم الثقة والشك وان الاسلوب المتناسب للسيطرة على السلوك هو القسوة والخداع او اي وسيلة اخرى يمكن من خلالها السيطرة على هذا السلوك .
وقد كتب "ميكافيللي" كتابه "الامير" في القرن السادس عشر لنيل رضى حاكم احدى المدن الايطالية وفي هذا الكتاب وصف الكاتب كيف يجب ان يتصرف الامير الكفء وكان المبداء الاساسي في هذا الكتاب هو "الغاية تبرر الوسيلة" وهذا يعني ان اي تصرف حتى لو كانت غير شرفية او غير اخلاقية هي مشروعة ويمكن الاعتماد عليها لتحقيق الغاية او الهدف .
وقد توالت نصائح ميكافيللي للامير الكفء بضرورة استخدام اساليب المكر والخداع والتدليس والدهاء والمناورة والمراوغة والمساومة بجانب استخدام القهر والعقاب والردع كأساليب لاحكام الرقابة على تصرفات وسلوك المرؤسين ولا يمنع هذا من استخدام الحوافز والمكافآت على ان يكون هذا في ظل استخدام اساليب الردع .
والغريب ان بعض هذه الفكار موجودة جزئياً لدى بعض المديرين او بعض المنظمات على الاخص السياسي منها كما يمكن القول ان العمل السياسي والمنظمات السياسية والسياسيون يتبعون العديد من مبادئ "ميكافيللي" .
ان بعض المنظمات الناحجة لاجاء من وقت لاخر لاسباب غير اخلاقية واساليب المراوغة والمناورة للحصول على عقد او ميزة من المنظمات الاخرى الا انه يمكن القول ان الاعتماد كلية على هذا الاسلوب لا يؤتي ثماره في الاجل الطويل .

النظرية الكلاسيكية :
تشير النظيرية الكلاسيكية الى النظرية القديمة في تفسير السلوكي الانساني ولقد افترضت النظرية الكلاسيكية مع اختلاف نمازجها بأن الافراد كسالى وانهم غير قادرين على تنظيم وتخطيط العمل وأنهم غير عقلانيين وانهم انفاعليين وانه لهذه الاسباب فهم غير قادرين على اداء اعمالهم بصورة سليمة وفعالة .. وعليه وجب السيطرة على هذا السلوك غير الرشيد , فباتت افتراضات هذه النمازج الكلاسيكية يؤمن بضرورة فرض نموزج عقلاني ورشيد وقوي على العاملين وذلك في محاولة السيطرة والتحكم في السلوك داخل المنظمات .
ونستعرض فيما يلي لكل من نموزج الادارة العلمية ونموزج العملية الادارية والنموزج البيروقراطي:
1- نموزج الادارة العلمية :
كانت افتراضات هذا النموزج تعتمد اساساً على الن الافراد كسالى وانهم مدفوعون فقط من الناحية المالية وانهم غير قادرين على تخطيط وتنظيم الاعمال المنوطة بهم .
ولذلك فقد حاول رواد الادارة العلمية ومن أمثالهم "فريدريك  تيلر" والزوجين "فرانك وليليان جليبرث" ان يفسرو السلوك الانساني ويتنبأو به ويسيطروا عليه من خلال الافتراضات السابقة المشار اليها فظهرت محاولتهم المتمثلة في مبادئ الادارة العلمية التي يمكن اجمالها في انه يمكن السيطرة على سلوك الناس داخل اعمالهم من خلال تصميم مثالي للوظائف ومن خلال حوافز اجرية (مالية) وانه عن طريق الدراسة العملية للوظائف يمكن تصميم طريقة واحدة ومثالية للعمل .
وتعتبر محاولات "فريدريك تيلر" او محاولة منظمة في هذا المجال وقد كانت هذه المحاولات في شكل مجموعة من التجارب الادارية في الشركات التي عمل بها وتبلورت هذه التجارب والمحاولات في كتابه "مبادئ الادارة العلمية" عام 1911 وهذه المبادئ هي :
- يجب تجزئة وظيفة الفرد الى اجزاء صغيرة ويجب معرفة انسب الطرق لاداء كل مهمة .
- يجب ان يختار الفرد بطريقة تناسب العمل ويجب ان يدرب عليها بالطريقة المصصمة والسليمة .
- يجب ان يتم تنظيم العمل في المنظمة بين الادارة والعمال وتطلع الادارة بمهام تصميم الوظائف والاجور والتعيين ويضطلع العمال بأداء وتنفيذ المهام الموكلة اليهم .
- يجب تقديم المحفزات المادية للعاملين من خلال الاجور والحوافز وهي مايسعى اليه الفرد اساساً من العمل ويمكن دفعه للاداء من خلالها .
تلى ذلك محاولات ناحجة من الزوجين " فرانك وليليان جيلبرث" فيما يسمى بدراسة الحركة والوقت وهي تلك الدراسة التي تقوم ببحث انواع الحركات التي يؤديها العامل في عمله ووقت كل حركة حيث يتبين من خلال تحليل هذه الحركات ان بعضها يمكن حذفه والبعض الاخر يمكن دمجه او اختصاره او يمكن اعادة ترتيب الحركات بالشكل الذي يؤدي الى اداء اسهل واسرع واستطاع الزوجين ان يكونا فريق فيما بينهما لدراسة الحركة والوقت لكثير من الشركات ففتح الزوجات مكتباً للاستشارات الادارية وحصلت الزوجة على دكتوراه في علم النفس وكان عنوان رسالتها "علم النفس الاداري" وذلك عام 1915.
ومن الطريف ان يذكر ابنائهم ان والدهم كان يطبق نفس الدراسة داخل المنزل فقد وجد ان دخال زراير القميص في العراوي اسرع ولو تم ذلك من اعلى يحتاج الى ثلاث ثواني , وعندما حاول ان يطبق ذلك على حلاقة ذقنه استطارع ان يختصر المدة الى 40 ثانية عندما استخدم ماكينتين للحلاقة وحركات معينه الا انه وللاسف كان عليه ان ينفق دقيقتين كاملتين لتضميد جراح ذقنه وعلى هذا يمكننا القول ان اسرع الطرق ليس في كل الاحوال اكفئها .
واختصار يمكن القول ان مساهمة نظرية الادارة العلمية في انها ركزت على ضرورة التخصص في العمل وضرورة الاهتمام بتصميم الوظائف  والاعمال وضرورة الاختيار والتدريب والاهتمام بالحوافز النقدية .
2- نموزج العملية الادارية :
تشابهت الافتراضات التي استندت اليها العملية الادارية مع تلك الافتراضات التي استندت اليها الادارة العلمية حول تفسير السلوك الانساني الا ان الاسلوب الذي ان تتبعه المنظمات للسيطرة والتحكم في السلوك الانساني اختلف عن الادارة العلمية فاذا كانت الادارة العلمية تركز على وجود تصميم مثالي لاداء العمل مع الحوافز الاجرية , فان نموزج العملية الادارية كان يفترض انه يمكن السيطرة على السلوك الانساني من خلال العملية الادراية كالتخطيط والتنظيم واصدار الاوامر والتوجيه والرقابة وايضاً من خلال وضع ضوابط محددة للاداء تسيطر على السلوك الانساني .
وكان من اشهر رواد العملية الادارية مديراً لشركة مناجم في فرنسا يدعى " هنري فايول" الذي قسم العملية الادارية الى خمسة انشطة وهي التخطيط والتنظيم والامر والتنسيق والرقابة وبناءً على هذه الانشطة استطاع ان يضع 14 مبداء يمكن من خلالها الاضطلاع بأنشطة الادارة على خير وجه .
مبادئ الادارة " لهنري فايول " :
- تقسيم العمل والتخصص : يمكن تحسين العمل من خلال تقسيم العمل بين الناس بحيث يكونوا متخصصين فيه او تعيين متخصصين للقيام به .
- السلطة والمسؤلية : وتعني السلطة اي الحق في اصدار الاوامر اما المسؤلية فتعني مقدار المسائلة الناجمة عن التمتع بحق اصدار الاوامر .
- الضبط والربط : ان افضل الطرق للحصول على الضبط والربط هي ان يطبق المدير انظمة الجزاء والعقاب في حالة حدوث اخطاء على ان يتم التطبيق بصورة عادلة .
- وحدة الامر : تعني ان كل فرد يحصل على اوامره من فرد واحد .
- وحدة الهدف : تعني ان وحدات التنظيم لابد ان تساهم انشطتها في تحقيق اهداف المشروع .
- اولوية المصالح العامة على المصالح الشخصية : وهذا يعني انه عندما تتعارض مصالح المنظمة مع مصالح الافراد , تأتي مصالح المنظمة في ترتيب متقدم .
- عوائد العاملين : يجب ان يكون الاجر والمستحقات مناسبة لكل من العاملين والمنظمة.
-  المركزية : ان التعامل مع الافراد يمثل نوع من اللامركزية في حين يمثل استخدام السلطات الادارية نوعاً من الحقوق المتمركزة لدى المديرين .
- التسلسل الرئاسي : لابد من وضوح التبعيات الرئاسية باعتبارها خطوط السلطة والاتصالات بين الرؤساء والمرؤسين وعلى كل منها ان يتبع هذه الخطط  بدقة في عمليات الاتصالات .
- النظام : على الموارد مثل الخامات والافراد والادوات ان تكون في مكانها في الوقت المناسب لكي توفر استخداماً امثل .
- العدالة : لابد من توفير معاملة عادلة لكل العاملين .
- استقرار العمالة : لابد من توفير العمالة بطريقة سليمة حتى يمكن التقليل من احتمال تسربهم .
- المبادءة : لابد من تشجيع المباءة والابتكار لضمان تطوير المشروع .
- تنمية روح الجماعة : يجب تنمية روح الجماعة والتوافق بين العاملين .
3- النموزج البيروقراطي :
يفترض النموزج البيروقراطي ان الناس غير عقلانيين وانهم انفعاليون في ادائهم للعمل مما يجعل الاعبارات الشخصية هي السائدة في العمل وان الاعتبارات الموضوعية والحيرة والعقلانية اعتبارات غير واردة وغير موجودة في اداء العمل , ولذا انعكس ذلك على تفسير النموزج البيروقراطي لكيفية السيطرة على السلوك الانساني داخل المنظمات , حيث تقول النظرية بأن ذلك سيتم من خلال وجود نظام صارم للقواعد والاجراءات داخل المنظمة .
يعتبر "ماكس فيبر" اكثر العلماء قرباً من الاتجاه البيروقراطي في دراسة الادارة والتنظيم ولقد اتخذ هذا الاتجاه من ملاحظتة لسوء استخدام المديرون لسلطاتهم , وعدم الاتساق في اسلوب الادارة دون وجود قواعد حاكمة للسلوك ولهذا بنى ماكس فيبر نظريته في البيروقراطية على المبادئ التالية :
- التخصص وتقسيم العمل : وهو اساس الاداء الناجح للاعمال والوظائف .
- التسلسل الرئاسي : ضروري لتحديد العلاقات بين المديرين والمرؤوسين .
- نظام القواعد : مطلوب لتحديد واجبات وحقوق العاملين .
- نظام الاجراءات : ضروري لتحديد اسلوب التصرف في ظروف العمل المختلفة .
- نظام من العلاقة غير الشخصية : مطلوب لشيع الموضوعية والحيدة في التعامل .
- نظام اختيار وترقية العاملين : يعتمد على الجدارة الفنية للقيام بالعمل .
ويلاحظ ان هناك نزعة من قبل المنظمات الى استخدام هذه المبادئ وذلك بنمو زيادة حجم هذه المنظمات ومبادئ البيروقراطية في حد ذاتها ليس فيها مايعيبها الا انه عند التطبيق نجد ان العاملين يخافون من التصرف لان المشكلة محل التصرف لم يتم تغطيتها بواسطة قاعدة او اجراء كما قد نجد البعض غير مستعدين للمبادأة او الابتكار بتصرف جديد , لان ذلك قد يتعاض مع او يكسر قادة من قواعد المنظمة لهذا تبداء عيوب النظام البيروقراطي في الظهور .
وأهم عيوب النظام البيروقراطي :
- تضخم الاعباء الروتينية .
- عدم اعتناء العاملون بمصالح المنظمة واهتمامهم فقط باستيفاء الاجراءات.
- شعور العاملون انهم يعاملون كالآلات وانتقال نفس الشعور لمن يتعامل معهم .
- تشابه في شكل السلوك وتوحيده بسبب الالتزام بالاجراءات ثم الى تحجر السلوك مما يزيد الاداء صعوبة .
- القضاء على روح المبادأة والابتكار والنمو الشخصي .
نظرية العلاقات الانسانية :
ادى النقد الموجه الى النمازج المختلفة للنظرية الكلاسيكية الى ظهور اتجاه جديد يهتم بالعلاقات الانسانية فعلى النقيض من النظرية الكلاسيكية افترضت نظرية العلاقات الانسانية ان الانسان مخلوق اجتماعي يسعى الى علاقات افضل من الاخرين وان افضل سمعة انسانية جماعية هي التعاون وليس التنافس وبناءً عليه انعكس ذلك على كيفية تفسير السلوك الانساني والتنبؤ به والتحكم فيه في نظرية العلاقات الانسانية .
ويمكن تلخيص اهم مبادئ النظرية الكلاسيكية الحديثة او نظرية العلاقات الانسانية في الاتي :
- يتأثر الناس في سلوكهم داخل العمل باحتياجاتهم الاجتماعية 
- يشعر الناس بأهميتهم وذواتهم من خلال العلاقات الاجتماعية بالاخرين 
- ان التخصص وتقسيم العمل والاتجاه الى الالية والروتينية في العمل تفقد هذا العمل جوانبه الاجتماعية وتجعله غير مرضي للعاملين به .
- يتأثر الناس بعلاقاتهم الاجتماعية وزملائهم في العمل اكثر من تأثرهم بنظم الرقابة الادارية والحوافز المادية .
- على الادارة ان تأخذ المبادئ الاربعة السابقة في الحسبان عند تصميم سياستها في التعامل مع العاملين على ان تظهر هذه السياسات اهتماماً بمشاعر العاملين .
ولقد تأثرت كثير من سياسات المنظمات بهذه المدرسة في تكوينها للسياسات التي تتعامل بها مع العاملين ومن امثلة هذه السياسات انظمة المشاركة في اتخاذ القرارات وانظمة الشكاوى ووضع اسس لحلها وانظمة الاقتراحات والرحلات والحفلات الاجتماعية ومايعيب هذه النظرية انها تغالي في استخدام العلاقات الانسانية الامر الذي قد وصل ال التدليل او الافساد كما ان هذه النظرية لم يثبت بالتجربه ان لها تأثير واضح وفعال على انتاجية العاملين .
نظرية العلوم السلوكية :
نتيجة للعيوب التي ظهرت في نظرية العلاقات الانسانية (الكلاسيكية الحديثة) حاول بعض العلماء تطوريها بالشكل الذي يسمح باستخدام كل الجوانب السلوكية للناس لغعطاء تفسيرات اكثر دقة للاداء الناحج في الاعمال فبينما ركزت نظرية العلاقات الانسانية على الاهتمام بمشاعر الناس لدرجة المبالغة والدليل والافساد فإن النظريات الحديثة تحاول ان تعطي تفسيرات واقعية مع العتراف بالجوانب الايجابية والسلبية لكل من سلوك الافراد وسلوك الادارة حتى يمكنها استخدام كل الطاقات السلوكية للناس في اعمالهم , ومن رواد هذه الفكرة "كريس ارجيرس" ودوجلاس ماكجريجور" وغيرهم من علماء السلوك وعلماء الادارة المعاصرين .   
ويمكن تجميع آراء هؤلاء المساهمين وتلخيصها في المبادء التالية:
- يختلف الناس في حاجاتهم : فالبعض منهم تسيطر عليه الحاجة المادية والبعض الاخر تسيطر عليه الحاجة للتقدير او تحقيق الذات , وقيام المنظمة بمساعدة الافراد في اشباع حاجاتهم يساعد في ابراز طاقاتهم وامكانياتهم الى ابعد حد .
- يسعى الافراد الى ان يكونوا ناضجين : ناجحين في العمل وهم يبرزون طاقاتهم لكي يشعروا بالكمال النجاح وذلك اذا كان العمل مصمماً ومهيئاً ومساعداً على النجاح .
- يسعى الافراد لان يكونوا منضبطين في العمل : وتلك الرقابة المباشرة التي قد تفرضها الادارة تؤدي هذا الشعور بالانضباط الذاتي , وعليه فأن الرقابة الغير مباشرة من قبل الادارة مع اشعار الناس بأنهم مسؤلين عن اعمالهم يمكن ان يعمق الاحساس بالانضباط الذاتي ويشيع حالى من الرقابة الذاتية على العمل ونتائجه .
- يتميز الناس بأن لديهم قدر من الحماس : والدافعية الداخلية للعمل بالاداء المتميز ويمكن للمنظمات ان تستفيد من هذه الرغبة في العمل والانجاز وذلك بتوفير اعمال وظروف مواتيه لابراز طاقات العمل والانجاز .
- تتضافر عناصر اخرى تؤثر على سلوك الفرد في عمله ومن اهمها طريقة الفهم واسلوب اكتساب السلوك والاتجاهات النفسية والقدرات واسلوب الاتصال بالاخين والقدرة على القيادة وعلى المدير ان يأخذ كل هذه العناصر في الحسبان عند ادارته للاخرين .
- يسعى الفرد لتحقيق تقابل وتماثل بين اهدافه واهداف المنظمة : التي يعمل بها فان لم يكن هناك تعارض بين هاتين المجموعتين من الاهداف انطلقت الطاقات النفسية والقدرات الفردية لتحقيق هذه الاهداف .
- يختلف سلوك الافراد حسب الموقف الذي يتعرضون له : وايضاً يختلف نمط تصرف الادارة مع الافراد حسب الظروف فقد يفضل نمط القيادة الصارم والتسلطي مع افراد متسيبين , بينما يفضل ان يكون ديمقراطياً مع افراد منضبطين , والعبرة تعتمد على طبيعة الموقف والظروف .
- يختلف السلوك : الفردي والاداري من دولة لاخرى او من حضارة الى اخرى وعلى من يمارس اعمال في عدة حضارات ان يراعي الاختلافات في سلوك الناس من حضارة الى اخرى .
- ان اعتراف المنظمات بالمبادئ الثمانية السابقة يعني اقتناعها بضرورة وضع ممارسات وسياسات ادارية تتمشى مع هذه المبادئ ومن ضمن هذه الممارسات والسياسات الادارية المرنة في تصميم العمل ووضع انظمة لتفويض السلطات وتنمية المهارات في ممارسة السلطة المفوضة وغيرها من الممارسات .

وبالرغم من ان هذه النظرية تقدم مجموعة من المبادئ التي اثبتت التجارب انها ناجحة الا انه مازالت هناك عناصر اخرى في العملية الادارية والمنظمات التي تغطيها النظرية فقد اهتمت النظرية بالجوانب السلوكية مع اغفال العمليات التنظيمية والادارية.
نظرية العلوم السلوكية :
نتيجة للعيوب التي ظهرت في نظرية العلاقات الانسانية (الكلاسيكية الحديثة) حاول بعض العلماء تطوريها بالشكل الذي يسمح باستخدام كل الجوانب السلوكية للناس لغعطاء تفسيرات اكثر دقة للاداء الناحج في الاعمال فبينما ركزت نظرية العلاقات الانسانية على الاهتمام بمشاعر الناس لدرجة المبالغة والدليل والافساد فإن النظريات الحديثة تحاول ان تعطي تفسيرات واقعية مع العتراف بالجوانب الايجابية والسلبية لكل من سلوك الافراد وسلوك الادارة حتى يمكنها استخدام كل الطاقات السلوكية للناس في اعمالهم , ومن رواد هذه الفكرة "كريس ارجيرس" ودوجلاس ماكجريجور" وغيرهم من علماء السلوك وعلماء الادارة المعاصرين .    
ويمكن تجميع آراء هؤلاء المساهمين وتلخيصها في المبادء التالية:
- يختلف الناس في حاجاتهم : فالبعض منهم تسيطر عليه الحاجة المادية والبعض الاخر تسيطر عليه الحاجة للتقدير او تحقيق الذات , وقيام المنظمة بمساعدة الافراد في اشباع حاجاتهم يساعد في ابراز طاقاتهم وامكانياتهم الى ابعد حد .
- يسعى الافراد الى ان يكونوا ناضجين : ناجحين في العمل وهم يبرزون طاقاتهم لكي يشعروا بالكمال النجاح وذلك اذا كان العمل مصمماً ومهيئاً ومساعداً على النجاح .
- يسعى الافراد لان يكونوا منضبطين في العمل : وتلك الرقابة المباشرة التي قد تفرضها الادارة تؤدي هذا الشعور بالانضباط الذاتي , وعليه فأن الرقابة الغير مباشرة من قبل الادارة مع اشعار الناس بأنهم مسؤلين عن اعمالهم يمكن ان يعمق الاحساس بالانضباط الذاتي ويشيع حالى من الرقابة الذاتية على العمل ونتائجه .
- يتميز الناس بأن لديهم قدر من الحماس : والدافعية الداخلية للعمل بالاداء المتميز ويمكن للمنظمات ان تستفيد من هذه الرغبة في العمل والانجاز وذلك بتوفير اعمال وظروف مواتيه لابراز طاقات العمل والانجاز .
- تتضافر عناصر اخرى تؤثر على سلوك الفرد في عمله ومن اهمها طريقة الفهم واسلوب اكتساب السلوك والاتجاهات النفسية والقدرات واسلوب الاتصال بالاخين والقدرة على القيادة وعلى المدير ان يأخذ كل هذه العناصر في الحسبان عند ادارته للاخرين .
- يسعى الفرد لتحقيق تقابل وتماثل بين اهدافه واهداف المنظمة : التي يعمل بها فان لم يكن هناك تعارض بين هاتين المجموعتين من الاهداف انطلقت الطاقات النفسية والقدرات الفردية لتحقيق هذه الاهداف .
- يختلف سلوك الافراد حسب الموقف الذي يتعرضون له : وايضاً يختلف نمط تصرف الادارة مع الافراد حسب الظروف فقد يفضل نمط القيادة الصارم والتسلطي مع افراد متسيبين , بينما يفضل ان يكون ديمقراطياً مع افراد منضبطين , والعبرة تعتمد على طبيعة الموقف والظروف .
- يختلف السلوك : الفردي والاداري من دولة لاخرى او من حضارة الى اخرى وعلى من يمارس اعمال في عدة حضارات ان يراعي الاختلافات في سلوك الناس من حضارة الى اخرى .
- ان اعتراف المنظمات بالمبادئ الثمانية السابقة يعني اقتناعها بضرورة وضع ممارسات وسياسات ادارية تتمشى مع هذه المبادئ ومن ضمن هذه الممارسات والسياسات الادارية المرنة في تصميم العمل ووضع انظمة لتفويض السلطات وتنمية المهارات في ممارسة السلطة المفوضة وغيرها من الممارسات .

وبالرغم من ان هذه النظرية تقدم مجموعة من المبادئ التي اثبتت التجارب انها ناجحة الا انه مازالت هناك عناصر اخرى في العملية الادارية والمنظمات التي تغطيها النظرية فقد اهتمت النظرية بالجوانب السلوكية مع اغفال العمليات التنظيمية والادارية.
المرجع: دكتور أسامة حسين محي الدين - علم السلوك التنظيمي - رقم الايداع (2010/8256) - الترقيم الدولي (87403-17-977) - ص 18: 27.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق